المعنى اللغوي لكلمة ( عيد )
الأستاذ زياد السلوادي حفظه الله تعالى ونفع به
اشتقت كلمة ( عيد ) في اللغة العربية من ( عاد ، يعود ، عودة ) ، وهذا المعنى يشترك مع معنى ( رجع ، يرجع ، رجوعاً ) ولكنه يختلف اختلافاً جذرياً في خصوصية المعنى بين ( عاد ) و( رجع ) ، ذلك أن ( عاد ) تحمل معنى تكرار الفعل ، في حين أن ( رجع ) تفيد حدوث الفعل مرة واحدة فقط والفعل هنا هو رجوع الشيء أو الشخص بجسده الى مكانه الأول . ونأخذ من الأولى ( عاد ) بعض الأمثلة من القرآن الكريم
( ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) لبقرة : 275
( ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ) المائدة: 95
وهذا يعني العودة الى ( تكرار ) الفعل المنهي عنه .
أما ( رجع ) فنقرأ عنها في بعض الأمثلة التالية :
( ولما رجع موسى الى قومه غضبان أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي .. ) الأعراف: 150
( فلما رجعوا الى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل .. ) يوسف: 63
وهذا يعني رجوع الشخص وانتقاله بجسده الى مكانه الأول .
ولو أخذنا آية تذكر الرجوع وحولنا الكلمة الى تعبير العودة بدل الرجوع لاختلف المعنى تماماً ، ولنأخذ هذه الآية
( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة .. ) البقرة 196
ومعناها أن من لم يكن قادراً على ذبح الهدي فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة عند رجوعه الى بلده . فلو استبدلنا كلمة ( عدتم ) بكلمة ( رجعتم ) لأصبح المعنى أن يصوم الحاج ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا كرر فعل عدم ذبح الهدي مرة أخرى . وشتان بين المعنيين
أما كلمة ( عيد ) فتحمل معنى التكرار لأنها مشتقة من ( عاد يعود ) . وإذا أخذنا أعياد اليهود والنصارى والمسلمين بحسب لغاتهم ، وجدنا أن كلمة ( عيد ) في اللغة العبرية هي ( حَج ) وتلفظ الجيم كما يلفظها المصريون بين القاف والكاف أو كما يكتبها العراقيون (حكَ ) وهي مشتقة من معنى ( الهدف المقصود ) حيث أن اجتماع حرف الحاء مع حرف الجيم في اللغات السامية ( العبرية والعربية والآرامية ) يعني إما الهدف المقصود أو ( الهدف الممنوع ) . فنجد أن الحرف الثالث في الفعل الماضي الثلاثي هو الذي يحدد إن كان المعنى ( هدفاً مقصودا ) أم ( هدفا ممنوعا ) . فإن قلنا ( ح ج ب ) مثل حجب نفسه عن الناس أي منع الناس أن تراه فجعل من نفسه ( هدفاً ممنوعاً ) وإن قلنا ( ح ج ز ) حجز الرجلُ السيلَ عن المنازل أي منعه من الوصول إليها فجعل المنازل ( هدفاً ممنوعاً ) وإن قلنا ( ح ج ج ) حجّ المسلمُ البيتَ الحرام أي قصد إليه فكان البيت الحرام ( هدفاً مقصوداً ) . وعليه فإن معنى العيد في الملة اليهودية هو الهدف المقصود الذي يعود في كل فترة زمنية محددة ، ونجد أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة اليهودية .
أما النصارى فإذا أخذنا معنى ( العيد ) في اللغة الإنجليزية المشتقة من اللغة اللاتينية نجده ( Feast ) ونجد أن هذه اللفظة مشتقة من ( Fasting ) ومعناها ( الصيام ) أي أن معنى العيد في لغتهم مأخوذ أيضاً من ارتباط النصارى بالملة النصرانية وما فيها من صيام.
أما في الإسلام فهناك عيدان ( الفطر ) وهو مأخوذ من الصيام و ( الأضحى ) وهو مأخوذ من الحج. أي أن العيدين مرتبطان بما ارتبطت به أعياد اليهود وأعياد النصارى ، لأن دين الله تعالى واحد.
وعليه فإن دعاء عيسى عليه السلام في سورة المائدة في:
( قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) المائدة 114 ، يعني أن العيد سوف يكون ذكرى في كل عام لهذه المائدة وكأنها عهد لأتباعه مع الله تعالى يذكرونه في كل عام يمنعهم من الكفر ، والله تعالى أعلى وأعلم.
زياد السلوادي